" أصحاب العقول "
محمود حمدون
====
" دعاء لم تستجب له السماء " تعليقا وتعقيبا على ما يحدث في " سوريا " وعودة " حلب " لحضن " سوريا "
إذ كنت استغرب بشدة خلال الفترة الماضية من حالة الضغط الإعلامي والتوظيف السخيف للميديا عمّا يحدث في " سوريا " ضغط اعلامي من طرف واحد , ثم تجييش لكافة المشايخ ورؤوس الجماعات الدينية للاتفاق على قلب رجل واحد , ضد سوريا الدولة والنظام بشكل خاص , ثم تحوير الصراع السياسي في سوريا باعتباره صراعا مذهبيا بين " السنة والشيعة " وبطبيعة الحالة , تم توظيف الميديا بمختلف أشكالها في تزييف الصورة بحيث أصبحت تأتي من اتجاه واحد , بطريقة توحي بعملية " غسيل مخ " وتوجيه سياسي محكم , والآن بعد أن انقشع غبار المعركة ووضعت الحرب أوزارها كما يقولون , تلك الحرب التي دارت رحاها طيلة سنوات عديدة تقترب من الخمسة , انهزم الجمع وولى الدبر , كانت الساحة فريقين , فريق أوحى أن الحرب سنية – شيعية , وهي حرب بقاء للسنة في المنطقة , واستمطروا السماء بالدعاء واللعنات على النظام السوري وما يفعله من فظائع ( لا زلت أراها من طرف واحد , ربما فعلها وربما لا وفي النهاية هو صراع مسلح بين جيش نظامي وجماعات معارضة ممولة ومسلحة وتعمل وفق غايات ) وهذا الفريق لم يبخل بشيء من الدعم المادي والمعنوي والديني بحيث لم يوجد غيره على الساحة مصدرا للمعلومة , وسمعنا من يؤكد أن الملائكة كانت تحارب على الأرض ضد "نظام بشار وجيشه " ما أوحى للبعض أنها حرب دينية لا تقل عن الصليبية قديما .. هذا الطرف تضمنت معه كافة دول الخليج , غالبية البلدان الغربية بصورة حيّرت العقول أن ترى الغرب الكافر الصليبي ( ما كان يُروّج له حتى فترة قريبة )يناصر السنة ويدعم بقاءها ضد " بشار " الشيعي ؟!!
وفريق آخر , رآها حربا سياسية – مسلحة بين نظام يأبى أن يسقط وجماعات معارضة تصر على إزاحته , وأن هذا الطرف استعان بالغير دعما ومساندة , فكانت الغلبة في النهاية للأقوى قدرة والأكثر صبرا على القتال والجاهزية ,
انهزم الجمع وولوا الدبر , تلك حقيقة لا علاقة لها بالدين ولا علاقة لها بما كان يروّج له السدنة والكهنة عن الحرب المقدسة ضد السنة , و يدعونا لتذكر قول الحكيم " كلما أفرط المرء في النظر لموطئ قدمه , كلما كان ذلك على حساب خطوته التالية "
يتبقى في النهاية أن ثمة دروس مستفادة خرجنا بها :
- أنها لم تكن حربا دينية بين سنة وشيعة .
- أنها كانت ولا تزال صراعا سياسيا مسلحا بين جماعات تحارب بالوكالة عن غيرها من أنظمة عملية لإسقاط دولة من دول المواجهة مع إسرائيل , وأن انهيارها يعني فعليا إعادة رسم وصياغة منطقة الشرق الأوسط بصورة جديدة لا تصب أبدا في مصلحة السنة ولا الدول العربية .
- أن دعم "سوريا " لا علاقة له ببقاء أو زوال الأسد ونظامه , والجمع بين الفكرتين خلط يعبّر عن سوء طويلة وخيبة أمل ممن يقتنع بهذا بعد نهاية مخزية على الأرض .
- أن الحسابات في " سوريا " على الأرض كانت تمثل صراع مصالح بين دول ظاهرة للعيان وأخرى تأمل في نصيب من " كعكة " الأرض السورية ,
- إذا كانت " روسيا " وإيران " قد دعمتا " سوريا – بشار " فذلك كان محور ضد ائتلاف جمع كافة البلدان الخليجية ودول الاتحاد الأوروبي وأمريكا ومن وراءهم إسرائيل وحاخاماتها ,
- أنها المرة الأولى تاريخيا ودينيا التي يجتمع فيها اليهود " إسرائيل " والسنة في منطقة واحدة وعلى قلب رجل واحد , للإطاحة بنظام عربي وتفتيت دولة عربية .
فالفرحة بعودة " حلب " لحضن " سوريا " لا يعني تأييدا لفصيل على حساب آخر .
ولعلنا نستدعي هنا بعض من أبيات " هوامش على دفتر النكسة " تعبيرا عن رؤية مستقبلية صائبة صاغها الشاعر , تعبّر عن واقع حال أو أحوال قادمة في المنطقة .
لا تلعنوا السماءْ إذا تخلّت عنكمُ..